امل علي
الغرام المصور في الكوميكس
فى الرومانسية يقولون أن العشق والغرام آسمى درجات الحب وعلى فكرة ليس شرط أنك تكون عاشق ومغروم فى الحد الضيق للعواطف والمشاعر الذي بين البشر، لأ أنت ممكن توصل لحدود العشق والغرام للكوميكس مثلا وهذا هو موضوعنا.
المتابع الجيد لفن القصص المصورة “الكوميكس” سيلاحظ أن لها عشاق فى كل بقاع العالم وخصوصا الكوميكس الخاص بالأبطال الخارقين وحتي نعرف بدايات ظهور الكوميكس سنرجع بالزمن كثيرا لأن البدايات كانت هنا فى مصر القديمة وعلى جدران المعابد وجد صور لقصص مرسومة، وللاسف وكالعادة دائما المصريين القدماء كما هم حجر الاساس للكثير من الاشياء المتطورة فى زماننا الحالى الا ان احفادهم لم يكملوا المشوار لأن مشوار تطور القصة المصورة استكمله الفنان التشكيلى “ويليام هوجارث ” بقيامه عام 1730م برسم عدد من اللوحات المتتالية ليخبر من خلالها عن قصة وبعده بحوالى 100 عام كان السويسرى”رودلف تويفر” قام بنشر “حكايات السيد جابو” وهذا هو أول عمل ينتمى نوعا ما لفن الكوميكس.
ومع بدايات القرن العشرين انتشر فن الكوميكس للناس عبرالفنان “هيرجيه ” وشخصيته المصورة الشهيرة حتى وقتنا الحالى “تان تان وكلبه ميلو ” ، أما فى أمريكا أنتشر فن الكوميكس على يد الفنان “جورج هيريمان ” والكوميكس الشهير وقتها ” كريزى كات ” ليستمر تطور القصة المصورة فى أمريكا حتى يبدع لنا الثنائى “جيرى سيجل ” و”جو شاستر” فى ثلاثينات القرن العشرين الشخصية المصورة الشهيرة “سوبرمان” ولحق بهم الفنان “بوب كين ” ليترك بصمته الخاصة بتطور فن الكوميكس الامريكى بابداعه للشخصية المصورة ” باتمان أو الرجل الوطواط ” ويتتابع بعده استمرار ظهور شخصيات مصورة لأبطال خارقيين أمثال سبايدرمان والاربعة الخارقين وغيرهم حتى ينضج فن الكوميكس على يد الامريكى “ويل ايزنر” الذى قدم لأول مرة مصطلح “جرافيك نوفيل “أو الرواية المصورة واستمر تطور الكوميكس وزاد عشاقه حتى لمعت شخصيات الحكايات المصورة وخاصة الابطال الخارقيين وزاد بريقها لينتبه لها صناع السينما والدراما التليفزيونية لينتج على مدار سنوات العديد من الافلام والمسلسلات .
سنلاحظ أن أمريكا ليست بلد المنشأ للقصص المصورة ولكن وكعادتهم يحصلوا على البذور الجافة ويوفروا لها الرعاية الفائقة لتنبت شجر كثيف يستظلوا به لسنوات طويلة، نجح الفنان الامريكى فى خلق شخصيات مصورة جاذبة مشوقة ابطال خارقين يحاربوا الشر القادم من الارض ومن الفضاء، قواهم مهيبة سحرت قارىء الكوميكس وعاشق السينما ومستمع الاذاعة، أنتشر الأبطال الخارقون مغادرين رواياتهم المصورة ليطلوا على عشاقهم من كل مكان اذاعة وتلفزيون وسينما استغل الامريكى النجاح واخذ يطوره كل عام، لم يمل متابعى افلام سوبرمان عن ملاحقة افلامه منذ بداياتها عام 1948 عند ظهور أول افلامه بطولة “كيرك ألين ” حتى الآن.
ولا يقل صناع الدراما التليفزيونية الامريكية عن صناع السينما والاستغلال المتقن المحترف لنجاح الشخصيات المصورة للابطال الخارقين وكمثال لابداع صناع الدراما التلفزيونية الامريكية سيلاحظ المتابع الجيد لهذه الاعمال أن عام 2001م بدأ عرض أول موسم لمسلسل ” سمولفيل ” وهو مسلسل شهير استمر عرضه عشر مواسم كاملة، يتناول قصة بطل الكوميكس الخارق سوبرمان أو رجل الفولاذ كما يطلق عليه وفى أحد مواسم مسلسل سمولفيل، بدأ ظهور الشخصية الخيالية السهم الأخضر الذي يظهر في الكتب المصورة “الكوميكس” بطل يحارب الجريمة والفساد سلاحه القوس والسهم ينضم إلى سوبرمان فى القضاء على الشر.
تم تلميع شخصية السهم الأخضر فى احداث مسلسل سمولفيل بشكل واضح ليعشقه المشاهد وتم استغلال هذا العشق لتصدر أول حلقات مسلسل السهم عام 2012، ويستمر تتابع عرض مواسمه حتى الأن ليحصد نجاح كبير وعلى نفس الخط والحرفية فى استغلال عشق المشاهد للابطال الخارقين يتم اخراج مسلسل اخر للنور “البرق ” ، فى حلقات مسلسل السهم يظهر بارى الآن ويكتسب قواة المهيبة ويصبح اسرع رجل على قيد الحياة ويجذب الانتباه، لينتج له عمل خاص وتعرض أول حلقات مسلسل” فلاش ” أو “البرق” منتصف عام 2014، وتحقق معدلات مشاهدة كبيرة ، وهكذا يستمراستغلال النجاح للوصول إلى التفوق عكس ما يحدث هنا فى أرض المصريين القدماء التى ولد فى رحابها بدايات فن الكوميكس، مازالت النظرة المتدنية لكتاب الفانتازيا والرعب والخيال العلمى وكل ما يمت لعوالم ليست واقعية حتى أن البعض يرفض تسميتهم بالادباء رغم أنهم يقومون بنشر الفضيلة ومحاربة الشر بأسلوب مشوق جاذب للقارىء.
وحدث ولا حرج عن صناع السينما والدراما التليفزيونية الغائبين تماما عن زيارة أرض الخيال أو حتى النظر لها ظنا منهم أن المشاهد العربى لن يقبل على مشاهدة هذه الاعمال وللنصيحة فقط وبضغطة زر عبر مواقع الانترنت المخصصة لتحميل الافلام والمسلسلات شاهدوا رقم عدد مرات التحميل ومشاهدة مسلسلات الفانتازيا والابطال الخارقيين الاجنبية لترى أعينكم الحقيقة.
والمثير للضحك أننا هنا فى مصر وعندما تحن علينا شركة انتاج لتنتج عمل درامى يدور حول بطل خارق يكون “الرجل العناب “
مسلسل تدور أحداثه حول شاب غبى ثقيل اللسان نظراته بلهاء ولكنه يملك القدرة على الطيران ،احداث المسلسل والحبكة الدرامية لا تحترم عقل المشاهد بل وبكل صراحة تسخر من قطاع كبير من عشاق دراما الابطال الخارقيين ، فى أمريكا يصدرون البطل الخارق الذكى المحارب للشرالمدافع عن الضعفاء كقدوة للصغار والكبار ونحن نصدر الرجل العناب ولك الله يا مصر.
