الفهرس
ماهي القصص المصورة – الكوميكس
الكومكس او القصص المصورة المعروفة ايضا بالقصص الهزلية, هو نوع من أنواع فن رواية القصة بالصور والرسوم وغالبا ما يكون مرفقا به بعض النصوص الحوارية و المؤثرات الرسومية, الفقاعات الحوارية والمؤثرات الصوتية التي تجتمع بشكل متسلسل لمجموعة من اللوحات المرسومة المصغرة و لها دور كبير فى إحياء القصة وفهم أبعادها. هناك ايضا نوع مختلف من القصص المصورة الذى يعتمد على الفوتوغرافيا والتى تعرض بنفس طريقة الكومكس, لكن هذا النوع من الكومكس لا يلاقي نفس انتشار الكومكس المرسومة.
بدأت القصص المصورة فى تاريخنا المعاصر فى شكل شريط صغير فى الصحف اليومية او فى شكل قصص مصورة تصدر بشكل أسبوعي, ومع بدايات القرن العشرين بدأت القصص المصورة تأخذ شكل مجلدات مستقلة بذاتها, يحكى المجلد مجموعة من القصص أو قصة واحدة كبيرة.
إلا ان نقاد هذا الفن يعتبرون أن أول ظهور حقيقى للقصص المصورة ضارب فى القدم منذ عصر الفراعنة, وكيف لا وهم الذين برعوا فى رسم تاريخهم كله على جدران المعابد والبرديات, وعلى الرغم من ان الحضارة الفرعونية تحظى دائما باطلالة مهيبة الا انها كانت ايضا لها وجه مرح بما يتناسب مع ذلك العصر.
تعتبر أول محاولة لفن القصص المصور كما نعهدها اليوم هى تلك التى رسمت على (عواميد تراجان) سنة 113 ميلادية, والتى تأخذ شكل الصور المتتابعة لسرد قصة ما, وتعتبر هذه الأعمدة هى أول دليل مادي موثق على وجود هذا الفن.
مع بداية عصر الطباعة كان التركيز على طباعة العلوم والكتب والدينية, وفي بداية القرن السابع عشر انتقل هذا التركيز تدريجيا الى مناقشة السياسة والحياة الاجتماعية وبدأت الصور تأخذ مكانها فى الكتب مصحوبة بفقاعات الحوار (Speech bubbles) لسرد الأفكار والكلام بالنيابة عن الشخصيات المرسومة.
ويعتبر وليام هاجارت احد اول مبدعين الكومكس(1697–1764). هاجارت قام برسم سبع مجموعات من الصور المتتابعة سميت بـ(الموضوعات الأخلاقية الحديثة) منها سلسلة قصيرة مكونة من 6 صور تسمى بـ (الزواج الحديث) والتى تعبر عن شكل الزواج فى هذه الحقبة.
ورغم أنه جاء الكثيرين بعد وليام هاجارت وحاولوا متابعة ما بدأه من عمل إلا ان عالم الكومكس لم يحظى بأي نقلة وتطور حقيقى إلا فى القرن التاسع عشر, ففي هذا القرن بدأ الشكل المعهود والذي نعرفه حتى اليوم للقصص المصورة يأخذ خطوة حقيقية وجريئة. فقد قامت مجلة (Glasgow Looking Glass) بطباعة أول قصة مصورة فى عام 1826, وكانت متخصصة فى السخرية من السياسة وخطوط الموضة فى ذلك الوقت, وكانت توزع طبعاتها على الحانات وأماكن العمل فى جلاسكو باسكتلاندا.
كان (رودولف تافلر) هو عامل النجاح الأساسى والشعلة الرئيسية لهذا النوع من الفن, حيث حظت قصصه بنجاح واسع وطبعت حول ارجاء اوروبا وامريكا, وبدأ رودولف فى وضع الخطوط العريضة لفن الكومكس حيث كتب فى مقالته عن علم physiognomies او علم الفراسة: ( لبناء قصة مصورة، لا يشترط أن تكون بارعا فى الرسوم، وهذا يعني أن ابتكار الرسوم بقلم رصاص ووضع بعض الكلمات لن يحقق هذا الهدف. يجب أن تخترع مسرحية فى عقلك، حيث تقوم بترتيب أجزاء من القصة وتشكلها فى شكل أحداث متتابعة. الموضوع ليس مجرد نكتة أو مزحة تقوم برسمها)
القصص المصورة في القرن العشرين
يعد القرن العشرين انفجار وانتشار لهذا النوع من الفن, فقد بدأت بريطانيا باستيعاب هذا الفن وتقديمه إلى الأطفال, انتشرت مجلات مثل (The Dandy ) و (The Beano) فى بلجيكا, واخترع (هيرجيه) البلجيكى قصاصات (مغامرات تان تان) والتى تحولت بعد ذلك إلى قصص كاملة فى مجلدات ساعدت على انتشار هذا الفن بشكل لايوصف.
وفى عام 1938 بدأت مجلة Action Comics فى الانتشار وعلى غلافها صورة للبطل (سوبر مان) والذى انتشرت قصصه كالنار فى الهشيم, مساعدا بذلك فى خلق وتوصيف الكومكس الأمريكى المعروف بقصص الأبطال الخارقين SuperHeroes.
فى اليابان, تلك البلد العريقة المعروفة بمهارتها فى الرسم والتشكيل, بدأ فن الكومكس بالانتشار بعد الحرب العالمية الثانية بقيادة (اوساموا توزوكا) والذى قام بنشر قصص تصل الى مئات الصفحات للقصة الواحدة, متبنيا منظور سينمائي للأحداث فى رسوماته, وكان الموضوع اشبه بحرب تنافسية بين أمريكا واليابان, فكما كانت هناك حرب حقيقية, كانت هناك ايضا حرب فى مجال الكومكس, حيث خلق هذا النوع من التنافس ظهور أنواع جديدة من القصص المصورة مختصة بالرومانسية والخيال العلمى وحتى الخيالات الجنسية, وقد قام اليابانيون بعد ذلك بتحويل هذا القصص المعروفة بقصص (المانجا) إلى أفلام كرتونية تعرف باسم (الأنمى).
فى عام 1970 ظهرت فئة جديدة من الهوايات يعرفون بأسم (The Collectors) او جامعى القصص وهم المهتمين بجمع المسلسلات و الإصدارات الكاملة لشخصية ما أو دار نشر معينة. وساهم فى انتشار هذه الهواية دور النشر التى بدأت فى طباعة مجلدات تحوي مجموعة من إصداراتها السابقة فى شكل مجلد كامل يعرف باسم (The Collection).
يلقب فن القصص المصورة (الكومكس) بالفن التاسع, وللأسف لم يحظى تاريخ القصص المصورة بوجه لائق له حيث اعتبره الكثير من الناس عبارة عن مضيعة للوقت ومجرد مجموعة من النكات الهزلية, إلا ان هذه الفكرة بدأت فى التغير تماما فى مطلع القرن العشرين, حيث اصبح اكثر قبولا بين العامة والأكاديميات التي بدأت تفرد له مجالا فى أروقتها, ولأمريكا فضل كبير ومجهود رائع فى تعريف العالم بهذا الفن حيث كانت بدايات تطويره وتحويله إلى فن يستوعب الصغار والكبار من مختلف الثقافات, والأن اصبحت صناعة الكومكس واحدة من اكبر الصناعات الأمريكية ولها ارتباط وثيق مع شقيقتها الأصغر (السينما أو الفن السابع) وسوف نفرد لهذا الارتباط حلقة خاصة لغزارة المعلومات فيه.
وعلى الرغم من ان امريكا هى صاحبة الفضل فى هذا المجال إلا أنها لم تكن الأولى أو الوحيدة التي ساهمت فى تطويره, ففن القصص المصورة يضرب بجذوره في كل حضارة وبلد. فهناك مثلا
فن المانجا Manga: وهو فن الكومكس اليابانى
الباند ديسينيه: وهو فن الكومكس الأوروبى
الكومكس الأمريكى
ولم ينسى العرب إسهاماتهم فى هذا المجال ولو بنسبة ضئيلة وغير ملحوظة على المستوى العالمي على الرغم من ان العرب اشتهروا بروايتهم للقصة واتقان فنون الرسم, وهناك الكثير من الفنانين المبدعين الذين أثروا هذا الفن على المستوى العربى سوف نتناولها بالذكر فى الأجزاء القادمة
لماذا أضيع وقتى فى هذه التفاهات؟
يعتقد الكثير كما ذكرنا من قبل أن مجال القصص المصورة نوع من التفاهة وتضييع الوقت, لكن فى وجهة نظري الشخصية هو من امتع انواع الفنون التي قد تستمتع بها. فقراءة الكومكس هى متعة بصرية فريدة من نوعها تصور لك الحركة فى صور ثابتة, و هى الجسر الذى يربط بين الكتاب والفيلم, فلن تجدها ابدا بنفس جدية الكتاب ولكنها ايضا لن تفسد عليك الاستمتاع بخيالك الخاص كما يفعل الفيلم.
سوف تجد شخصيتك فى أحد الأبطال وتتابع قصصه بشغف وتتفاعل معه, وتنتقل من عالم الواقع الجامد الى عالم خيالى بلا قوانين أو حدود.
سوف نتابع فى هذه السلسلة كيف تطور هذا الفن, من هم ابطاله واشراره, ماهى اعظم قصصه ورواياته وأكثرها انتشارا وتأثيرا